جديد المقتطف

الأربعاء، 23 سبتمبر 2015

الحج عند بنى إسرائيل وشعوب الشرق الأدنى القديم

بقلم: مي سعيد عبد المنصف


عرفت شعوب الشرق الأدنى القديم الحج كعبادة، وفيه يقومون بزيارة الأماكن المقدسة، ويقدمون القرابين للآلهة فقد كان لكل شعب موضعًا يعظمونه ويتبركون به، ويروا إنه يجب التوجه إليه، ويلتزمون حجه وزيارته تقربًا إلى معبودهم.


كان المصريون القدماء يتطهرون بغرض الحج إلى مدينة أبيدوس، وهي مقر المعبود "أوزير" كما كانوا يحجون إلى مدينة "أونو" وهي مقر تجمع الآلهة، ومكان للتطهير أيضا وتقدم فيها القرابين للآلهة وكان الهدف من الحج استرضاء الآلهة وطلبا للمغفرة في العالم الآخر.
أما عيد الحج في بلاد الرافدين فكان العيد الرئيسي هو رأس  السنة وكان يحتفل به في جميع الأنحاء، أما الإحتفال الرئيسي فيقام في بابل حيث تفد الجموع إلى معبد الإله مردوخ " المعبد الكبير".
وكانوا يرتدون أفضل الثياب ويقدمون القرابين وكان الهدف من ذلك هو استرضاء الآلهة إذا كانوا يعتقدون أن الآلهة تجتمع في معبد مردوخ في هذا العيد لتحدد مصائر الناس في السنة القادمة، ويقوم الكهنة المكلفون بالخدمة في الحج بكتابتها على ألواح الطين.
أما عند بنى اسرائيل نجد أن التوراة نصت على الحج ثلاث مرات في السنة وحددت الأعياد التى يتم فيها الحج وهى كالتالى:
عيد الفصح: يحل الفصح في ليلة النصف من نيسان وهو استهلال لعيد الفطير، وهو ذكرى خروج اليهود من مصر وخلاصهم من استعباد فرعون، ومن أهم ما يميز هذا الإحتفال تذكُر خروج بني اسرائيل في ذلك الزمان ومحاولة معايشة الظروف التى صاحبت خروجهم.  
عيد الأسابيع: ولم تذكر التوراة موعد هذا العيد ولكنها تذكر وجوب الإحتفال بيه لمدة خمسين يوما، بعد  عيد الفصح ثم تحسبون سبعة أسابيع كاملة ابتدًا من اليوم التالى للسبت الذي تحضرون فيه حزمة الترجيح.  
عيد الظلال: هو العيد الثالث الذي فرضته التشريعات اليهودية وهو ايضا من اعياد الحصاد فبعد الفراغ من جمع المحصول ، كانوا يكدسون مئنهم من التمر والتين والزيتون والزبيب.  
أماكن الحج
ومكان الحج فلم تحدده التوراة وحدده علماء المشنا والتلمود، وقد وقع اختيارهم على بيت المقدس وفى "العزارا" تحديدا وهى ساحة بيت المقدس، وهى عبارة عن مربع طول ضله 135ذراعًا والذراع حوالى 68سم تقريبا، وكانت "العزارا" مقسمة ثلاثة أقسام غير متساوية قسم مُخصص للكهنة فقط يسمى "عزرت كوهنيم" يليه قسم مخصص للرجال يسمى "عزرت يسرائيل" والقسم الثالث مخصص للنساء ويسمى "عزرت ناشيم" وكان يقف فيه غالبية الجمهور من الرجال والنساء، ويبدو أن هذا هو المكان الذى خصصوه للظهور أمام الرب فى أعياد الحج.  
المكلفون بالحج
فرضت التوراة الحج على الذكور دون استثناء  وأيضا دون تحديد فئة عمرية معينة، حيث ذكر التفسير انه "يجب على الجميع ان يظهروا في المقدس" ماعدًا الأصم، والأبكم والمجنون، والأعرج، والأعمي، والمريض والشيخ الكبير، ومن لم يستطع أن يصعد إلى المقدس على قدميه.
شعائر الحج
تتمثل شعائر الحج فى التالى:
الظهور في ساحة المقدس، ثم تقديم نوعين من القرابين وهما: قربان المحرقة وقربان السلامة .
ويحرق قربان المحرقة كله على المذبح، وهو الذى يقيم به الحاج فريضة الظهور كماوردت فى (التثنية 16:16) لذلك يطلق على قربان المحرقة قربان الرؤية أو الظهور أما قربان السلامة الذى يطلق عليه فى قربان سلامة الحج فيقيم به فريضة الحج لان اصحابه يأكلون لحمه، ويقربون شحمه على المذبح فأكل اللحم هو المقصود بالفرحة التى وردت (تثنية 14:16 ) وتسمى الذبائح التى تذبح فى بقية أيام العيد للفرحة سلامة الفرحة.
حيث يجب على الحاج في كل عيد من الأعياد الثلاثة  الفصح والأسابيع والعرش أن يصعد إلى ساحة المقدس في اليوم الأول من العيد وأن يقدم القرابين ومن لم يتمكن من تأدية ذلك فى اليوم الأول يؤده فى أى يوم منأيام العيد السبعة( الفصح والعرش).
الشروط التى يجب توافرها في  قرابين الحج
لم تحدد التوراة مقدار قربان المحرقة أو قربان السلامة فيرى أتباع "شماى" أن يُحرق قربان المحرقة كاملاً على المذبح، ويجب أن يكون ثمنه ضعف ثمن القربان الذى سيؤكل بينما  يرى اتباع "هليل" أن قربان السلامة الذى سيؤكل يجب أن يكون ثمنه ضعف قربان المحرقة.
الذبائح التى تقدم للقرابين
لم تحدد التوراة نوع الذبائح التى تقدم للقرابين المحرقة والسلامة فى الحج،  لذلك حدد علماء المشنا ورأوا أن قربان المحرقة شأنه شأن القرابين المفروضة، ويجب أن يؤتى بيه من البهائم الغير  مخصصه للرب "الحولين".
أما قربان السلامة الذى يقرب فى اليوم الأول والذى يقرب فى بقية أيام العيد اختلفوا حوله وقال اتباع "شماى" انها تعد ذبائح حج ويجب أن تؤتى من البهائم الغير مخصصة للرب بينما اتباع "هليل" قالوا إنها تؤتى من أموال العشر الثانى.
أحكام الطهارة في الحج
طهارة الأبدان  حيث يجب على الجميع أن يتطهروا لكي يأتوا إلى ساحة المقدس ويأكلوا من القرابين، وتتمثل الطهارة في التالى:
غسل اليدين من الإناء المخصص لذلك قبل الأكل أي طعام. وتغطيس اليدين في مجمع الماء الذي يحوي ماء قدرة حوالى 48 لترا  قبل الأكل من الاقداس.

المصادر والمراجع:
العهد القديم
عبد الخالق بكر عبد الخالق: الحضارات السامية والديانة اليهودية، جامعة الازهر.
سامي محمود الامام: موسوعة الفكرالعقيدي اليهودي، جامعة الأزهر كلية اللغات والترجمة.
محمد خليفة حسن: دراسات في حضارة الشعوب السامية القديمة، عين للدراسات والبحزث الإنسانية والاجتماعية.
محمد خليفة حسن: تاريخ الديانة اليهودية، جامعة القاهرة .
ليلى ابراهيم أبو المجد: الشعائر اليهودية والطقوس، ج1، النجاسة وكيفية الطهارة، الصلاة والدعاء، الصوم والحج، كلية الاداب جامعة عين شمس.