جديد المقتطف

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

الفرس والبحث عن وريث لعرش الإمبراطورية الفارسية

بقلم: د. محمد جمال الشوربجي

ما أن انتهي أبو بكر الصديق رضي الله عنه من حروب المرتدين، حتى بدأ حركة الفتوحات الإسلامية في بلاد الشام والعراق ففتح معظم أراضي الشام والعراق، ولما توفي سنة 13هـ/634م تولي الخلافة بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه فواصل الفتوحات في الجبهتين الشامية والعراقية بعدد من القادة العظام أمثال خالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص، المثني بن حارثه، والنعمان بن مقرن المزني وغيرهم، ففتحت الشام ومصر وبرقه، كما فتحت العراق وبلاد فارس وسقطت الإمبراطورية الفارسية بعد معركة نهاوند سنة21هـ/641م وقتل الإمبراطور يزد جرد على يد أهل الري بخراسان، وأسرت بناته الثلاث وأرسلوا إلي المدينة، فلما وصلوا إلي المدينة أمر الخليفة عمر أن يباعوا في سوق الرقيق لكن علي بن أبي طالب عارض الفكرة واقترح أن يزوجوا لأبناء الصحابة فتزوج الحسين بواحدة وأنجب منها زين العابدين على، وتزوج محمد بن أبي بكر بواحدة وأنجب منها القاسم أحد فقهاء المدينة السبعة.

علي الجانب الأخر اجتمع أعيان الفرس لمناقشة الفجيعة التي أصيبوا بها وما نتج عنها، وكان من نتائج هذا الاجتماع أمرين الأول اغتيال القائد المتسبب في سقوط الإمبراطورية وهو عمر بن الخطاب، والبحث عن وريث لعرش الإمبراطورية، وكانت الإمبراطورية الفارسية مثل غيرها من الإمبراطوريات تقوم علي مبدأين: الأول: الحق الإلهي المقدس في الحكم، بمعني أن الله قد اختاره ليكون حاكماً له علي الأرض، والمبدأ الثاني: يقوم علي وراثة العرش، فإذا مات الإمبراطور ولم يعقب ذكر وأعقب أنثي يقوم أحد رجال القصر الكبار أو أحد قادة الجند بالزواج من الأميرة ليحكم البلاد من خلالها ويكتسب حكمه الصفة الشرعية، وهكذا يستمر الحكم. بدأ الفرس في تنفيذ مهمتهم، فأرسلوا رجلاً من شيعتهم يسمي" أبو لؤلؤة المجوسي"إلي المدينة في صورة عبد للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه ليتابع تحركات الخليفة عمر حتى يقتله، وبالفعل قام هذا الخبيث بطعن الخليفة بالخنجر وهو يصلي فمات بعدها وقتل هذا الخبيث جزاء لفعلته هذه.
وتلي هذه الخطوة البحث عن وريث للعرش الخيالي، فبحثوا عن مصير الأميرات فوجدوهم قد تزوجوا بأبناء الصحابة، فبحثوا عمن تتوافر فيه شروط تولية العرش فلم يجدوا غير الحسين بن علي (رضي الله عنهما) لتوافر الشرطين فيه فهو حفيد النبي (عليه الصلاة والسلام) الذي يحكم حكم مقدس من قبل الله، وقد انتقل من النبي إلي فاطمة ومنها إلي علي بحكم الزواج وبالتالي إلي الحسن فلما تنازل الحسن عن الخلافة قتلوه -لأنه أذل المؤمنين- وبالتالي انتقلت الإمامة المقدسة إلي الحسين، وبزواجه من الأميرة الفارسية أصبح يجمع بين السلطة الدينية والدنيوية ومؤهل لأن يكون الحاكم الشرعي لإمبراطورية فارس الخيالية، وبدلاً من أن يُسمى كسرى أطلقوا عليه اسم إمام حتى لا يفطن أحد إلي ما يريدون، وهذا الإمام يعين بنص من الله، ولهذا فالإمام معصوم ومن يعترض عليه ويخالفه ولا يعتقد إمامته الدينية فهو كافر، ولهذا فأهل السنة بدأ بأبي بكر وعمر كفار مخلدين في النار، إلي غير ذلك من صفات الإمام.
وقد انتقلت الإمامة بعد وفاة الحسين إلي ابنه علي زين العابدين ابن الأميرة الفارسية ولم تنتقل إلى أبناء الحسين من زوجاته العربيات خاصة وأن علي من أصغر أبناء الحسين، وهذا يؤكد الفكرة التي نحن بصددها، وبعده إلى زيد بن علي لأنه الأكبر، ولكن لأنه يترضى عن الخلفاء الثلاثة نزعوا عنه الإمامة وخذلوه في المعركة حتى قتل، وانتقلت إلى محمد الباقر بن علي، ومن بعده لجعفر الصادق فموسي الكاظم فعلي الرضا رضي الله عنهم جميعا، وهكذا حتى الحسن العسكري الذي لم يكن له ولد، ورغم ذلك أوجدوا له ولد هو محمد(المهدي المنتظر)، وقد غاب منذ سنة284هـ/897م وهو لا يزال حي حتى الآن في مكان مجهول، وسيظهر في أخر الزمان ليقتل العرب، ويقيم حد الزنا علي أم المؤمنين عائشة، ويحرق أبو بكر وعمر بعد إخراجهم من القبر.
والغاية من أن يظل الإمام غائب ولا يخرج إلا في أخر الزمان أن تظل إمبراطورية فارس قائمة حتى قيام الساعة، وسيكون انتقامه من العرب كرد على ما فعلوه في جده يزد جرد، وهذا المهدي له عدة أسماء فارسية مثل كسرى أنوشروان، ويزدجرد وغيرها، وبالطبع هذا كله هراء، وهذا المهدي من خزعبلات شيعة فارس ولا أصل له، ولهذا نجد أن أكبر الدول الشيعية الإثنى عشرية هي دولة إيران عاصمة إمبراطورية الفرس.