جديد المقتطف

الثلاثاء، 2 يونيو 2009

ذكرى 41 عاما على حرب يونيو 1967 - ح2

الحلقة الثانية:
 الحرب على الجبهة المصرية والهجوم على وحدات مصرية في سيناء

يومي 5 و 6 يونيو 1967


نتائج الضربة الجوية وتبعاتها:
أدت ضربات الطيران إلى نتيجتين:
الأولى: فقدت القيادة العسكرية المصرية توازنها، وكان هذا هو الهدف الأول للحرب الخاطفة. والتي تعلمها اليهود من نجاح الحرب الخاطفة التي نفذها الألمان سنتي (1939 ـ 1940)، والتي تعتمد على تعاون الطيران والمدفعية في مواجهة جيش مساو أو أكثر عدداً وعدة (ولا يمكن مقارنتها بحرب لبنان لسنة 1982 حيث كان التفوق العددي الإسرائيلي ساحقاً).
الثانية: أصبح الجيش المصري في وضع عسكري حرج بدون غطاء جوي من طائراته فوقه، مما أدى لسيطرة كاملة على الأجواء للعدو.
وفي ظل تلك الظروف، وفي ظل الحرب في صحراء مكشوفة كسيناء، كان تقدير المشير "عبد الحكيم عامر" أن الاستمرار في القتال سوف يؤدي لتدمير الجيش المصري، وتكبيده بخسائر فادحة في الأرواح، وهو ما دعا المشير إلى اتخاذ قرار بسحب القوات في فجر 6 يونيو.
وكانت خسائر اليوم الأول من الحرب 294 شهيداً، وبعد قرار الانسحاب، وبسبب تنفيذ خاطئ لهذا القرار حتى مساء يوم 8 يونيو، وصل عدد الشهداء إلى 6811 شهيداً.
ولقد حاولت الأردن نجدة مصر فتدخل طيرانها قليل العدد، ولكن الطيران الإسرائيلي هاجم الطائرات الأردنية حوالي منتصف النهار، وحطم أهم قوة البلاد الجوية. وفي الوقت ذاته، هاجمت الطائرات الإسرائيلية المنشآت السورية التي عرفت نفس مصير المنشآت الأردنية والمصرية. وفي اليوم التالي قصفت المطارات العراقية الواقعة على حدود المدى بدورها.
السيطرة على كافة القطاعات العسكرية في سيناء
يومي 7 و 8 يونيو 1967
وفي الجملة فقدت الدول العربية 814 طائرة (309 مصرية و60 سورية و29 أردنية و17 عراقية وطائرة لبنانية واحدة) مقابل 62 طائرة من الجانب الإسرائيلي. وفي الأيام الموالية أوصلت العمليات الخسائر المصرية إلى 338 والإسرائيلية إلى 40 طائرة تقريباً. وذلك ما يبين تغيراً أكيداً لميزان القوى.
ومنذ أن وقع الهجوم الجوي على مصر دخل الجيش المصري إلى سيناء وقطاع غزة. كانت القوات المصرية تعد بنحو من 90.000 رجل ثلثهم من المجندين الجدد غير المدربين على القتال. وكانت معرفتها الميدانية سيئة إذ أن سيناء كانت منزوعة السلاح تقريباً لأكثر من عشرين سنين.
لقد عودت حرب اليمن الجنود المصريين على التحرك في وحدات صغيرة، كما أن قيادة الأركان كانت تجري مناورات يتم فيها التنسيق بين مجموعات ضخمة من البشر، ولم يكن العتاد السوفييتي قد أعد خصيصاً لظروف الصحراء، وكان كثيراً ما يتعطل. وكانت الاتصالات بين مختلف الوحدات سيئة جداً، رغم أن المعارك في اليوم الأول كانت عنيفة جداً وتحتاج إلى وسائل اتصال سريعة، ولكن الجيش المصري تمكن من الصمود.
وفي 6 يونيو. تقدم الجيش الإسرائيلي بفضل مشاركة سلاح طيرانه. وفي مساء 6 يونيو تراجع الجيش المصري في نظام متخلياً عن نصف سيناء. وفي يوم 7 يونيو انهارت القوات المصرية وتفاقمت الفوضى، وكانت الاتصالات تتم بصعوبة وأصاب الهلع المشير "عبد الحكيم عامر" الذي أمر بتراجع عام صوب منطقة القتال.
وتخلى الجنود عن مركباتهم التي نفذ منها الوقود وفروا مذعورين، وفي يوم 8 يونيو تجاوز الجيش الإسرائيلي خط المضايق، بالرغم من تعليمات "موشي ديان" وبلغ القناة. ومع ذلك وقعت معارك عنيفة، خاصة معركة الدبابات التي اشترك فيها الطرفان بأعداد ضخمة.
ولقد كان العامل الأساسي للانتصار الإسرائيلي في معارك سيناء هو الاعتماد على الطيران الذي تدخل باستمرار منذ اليوم الثاني. وكان مجموع الخسائر المصرية قد بلغ نحو من 10.000 رجل و5000 أسير، وكذلك أغلب العتاد الحربي (الدبابات والعربات والمدافع).
الحرب على الجبهة الأردنية:
وفي المعركة، ظل الجيش الأردني أفضل قوة مدربة ومنظمة، ولكنها كانت تفتقد تماماً للغطاء الجوي الذي دمر فعليا في الضربة الأولى،
كان الجيش الأردني يفتقر إلى القيادة، فقد كان الملك حسين قد أوكل قيادة الجيش إلى قائد مصري أرسله الرئيس "عبد الناصر". ومنذ عزل "جلوب باشا" صاحب نظريات الدفاع في العمق، وبالطبع تخلى الجيش الأردني عن نظرياته وتبنى معركة الحدود، فقد جعلت ذكرى احتلال "اللد" و"رام الله" في يوليو 1948 النظرية الأولى غير مقبولة. ورغم أن إسرائيل سارعت إلى الإعلان بأنها ليس في نيتها مهاجمة الأردن، فقد قرر الملك "حسين" الدخول في الحرب.
لقد التزم الملك الأردني بذلك أمام "عبد الناصر"، وكان يتجنب الظهور بمظهر الخائن للقضية العربية. وبالطبع خدع مثل غيره بالتأكيدات التي أعلنتها الإذاعات العربية عن الانتصارات المصرية، ولكن الملك الأردني كان يتحرك أيضا لاقتناعه بأن الإسرائيليين يريدون الاستيلاء على الضفة الغربية، وكان لا يثق بوعودهم.
الحـرب علـى الجبهـة الأردنـية
يومي 5 و 6 يونيو 1967
ولقد بدأت المعارك ضد المصالح الأردنية في صباح 5 يونيو. وكانت القوات الإسرائيلية آنئذ مشتبكة في سيناء، وتركز الهجوم الإسرائيلي على شمال الضفة الغربية وفي منطقة القدس.
وفي يوم 6 يونيو تدخل الطيران الإسرائيلي بكثافة ضد الجيش الأردني الذي بدأ الانسحاب من كامل الضفة الغربية والقدس، وفي المساء قرر الملك "حسين" بعد موافقة "عبد الناصر"  سحب كل قواته إلى شرقي الأردن للدفاع عن الجزء الشرقي من المملكة. وسمح الانسحاب الأردني للجيش الإسرائيلي باحتلال القدس الشرقية، وكامل الضفة دون مشاكل كبرى (7 يونيو) وفي 8 يونيو تمركز الجيش الأردني على نهر الأردن ووضع وقف إطلاق النار حداً للعمليات.
كانت الخسائر الأردنية فادحة أكثر من 6000 قتيل، ومن المحتمل أن عدد الجرحى كان خمسة أضعاف ذلك من جيش يعد 50.000 رجل، وهذا برهان على ضراوة المعركة. ولقد مكنت السيطرة التامة بالطيران الإسرائيلي من إحراز الانتصار الإسرائيلي (وقد بلغت خسائر إسرائيل رسمياً 302 قتيلاً و1453 جريحاً). وحيث أن الملك ظل على اتصال وثيق بالمصريين فقد كان يتفادى اتهامات الخيانة التي وجهت للجيش العربي سنة 1948.
سقوط الجولان:
وكان الانتصار الإسرائيلي على مصر والأردن ساحقاً، ولكن المعارك ضد سوريا كانت قليلة. وكان "موشي ديان" يعارض مشروع مهاجمة سوريا مخافة تدخل سوفييتي مباشر، ولكن زميله في الحكومة "إيجال ألون" حصل على قرار الهجوم بدفاعه عن ضرورة الدفاع عن الجليل ضد القصف السوري، وعن إمكانية تحقيق تحول جغرافي سياسي في المنطقة بربط دروز سوريا بإسرائيل، ويكون ذلك خطوة أولى نحو تأسيس حلف من مسيحيي لبنان ودروز سوريا والأكراد، وهو بذلك أعاد طرح المشروع الشهير العزيز على "بن جوريون"، والمتمثل في تقسيم المشرق العربي تقسيماً طائفياً.
وبدأ غزو الجولان يوم 9 يونيو، بينما طلبت سوريا تطبيق وقف إطلاق النار الذي طبق على الجبهات الأخرى. وكانت المعركة ضارية ولم يتقدم الإسرائيليون إلى بضعة كيلومترات، غير أن المقاومة السورية انهارت صبيحة يوم 10 يونيو، وانسحبت القوات السورية لتغطية دمشق.

وبعد أن تم لإسرائيل احتلال الجولان قبلت وقف إطلاق النار في نهاية اليوم السادس من الحرب. ولقد فرَّ 30.000 سوري من الجولان، وفي الأشهر الستة الموالية طردت منهم 90.000 آخرين، ولم تترك بالجولان تقريباً غير 7 آلاف درزي كانوا يسكنون فيه من قبل.

الحلقة الثالثة: مــــن هنـــــا