عرض ونقد: د. محمد جمال الشوربجي
يعتبر كتاب هدية العارفين بأسماء المؤلفين وآثار المصنفين لمؤلفه إسماعيل باشا البغدادي من الكتب المهمة في حقل تراجم المؤلفين وتوثيق نسبة المؤلفات إليهم، وقد حوى الكتاب آلاف التراجم المختصرة مشفوعة بأسماء العديد من الكتب التي ألفوها، وهذا البحث الذي نقدمه هو محاوله لتحليل للكتاب ونقده بقدر الوسع والإمكان لمعرفة نقاط الضعف التي اعترت هذا العمل فالكمال لله عز وجل وحده حتى يكون الباحث أو المحقق على بينة من الأمر عند البحث في هذا الكتاب، وأسال الله أن يوفقنا لما فيه النفع للناس.
ترجمة المؤلف: هو إسماعيل بن محمد أمين بن مير سليم
الباباني الأصل البغدادي المولد والمسكن، كان على دراية كبيرة بالكتب ومؤلفيها([1]).
مؤلفاته: إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، بدأ
بجمع مادته العلمية في قرية مقري كوبي - بالقرب من استانبول- من سنة1296هـ/1889م إلى ما بعد
سنة1323هـ/1916م، وقد فرغ من تبييض الجزء الأول منها في 26 ربيع الآخر
سنة1325هـ(1918م) كما وجد بخطه على الجزء
الأول من النسخة المخطوطة([2])،
هذا بالإضافة إلى مؤلفه الذي بين أيدينا، وقد توفي المؤلف في سنة1339هـ/1920م.
تحليل الكتاب:
- استوعب هذا الكتاب ما جاء في كشف الظنون عن
أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة(ت:1068هـ/1657م)، وكتاب إيضاح المكنون في الكشف
على ذيل الظنون لإسماعيل باشا مؤلف الكتاب الذي بين أيدينا.
- رتب مادة الكتاب علي أسماء
المؤلفين وفق الترتيب الأبجدي، معتداً في ذلك بالاسم الأول دون اسم الأب والجد.
- تنحصر عناصر الترجمة عند المؤلف
في الآتي:
* الكنية: مثل: أبو إسحاق، أبو عبد الله، أبو الطيب([3])،
* اسم المترجم له، ثم اسم الأب، ثم اسم الجد.
* النسبة: إلى البلدة مثل: البغدادي، الغزنوي، الهروي،
القرطبي، الإصطخري، الإدكاوي([8])...الخ،
أو إلى مذهب: مثل المالكي، الظاهري([9])،
* شيء من أخباره: في حدود سطرين أو ثلاث على الأكثر.
* تاريخ الولادة والوفاة: يذكر المؤلف في بعض الأحيان سنة
الميلاد مع الوفاة، ولكنه في الغالب يقتصر على سنة الوفاة وفي بعض الأحيان يذكر
الشهر أيضاً([10]).
* عناوين مؤلفاته فقط دون شيء من التفصيل: فيقول مثلاً في
ترجمة الشيخ حسين الدجاني(ت:1274هـ/1857م) ومن مؤلفاته:الشافية من الأسقام في
أسماء أهل بدر الكرام، ودرة التوحيد منظومة في العقائد...الخ([11])،
ويبدو أنه هنا قد اكتفى بذكر عناوين المؤلفات معتمداً على التعريف بها في كتابه
الآخر إيضاح المكنون، وقد رتب مؤلفاته على الترتيب الأبجدي.
- ذكر قبل أسماء المؤلفين ألقابهم
وأسماء شهرتهم مثل الحضرمي: خالد بن الحسن الحضرمي (ت: 1100هـ/1688م
تقريباً)([12])،
وهذا ليسهل على الباحث أثناء عملية البحث في الكتاب.
- تميز المؤلف عن ذكر تاريخ وفاة
المؤلفين بوضع تاريخ الوفاة أرقام وكتابة حتى لا يصحف التاريخ مثل ترجمة محمد بن
عقيل البلخي المتوفى سنة314هـ أربعة عشر وثلاثمائة.
- في بعض الأحيان يضبط اسم المؤلف
بالحروف لا بالتشكيل كما في ترجمة محمد بن سنان الحراني البتاني( بتقديم الباء
الموحدة والتاء المثناه)([13]).
- أحيانا يترجم المؤلف للأماكن
الموجودة في ترجمة المؤلف كما في ترجمة الوزير محمد بن عبيد الله البلعمي( بلعم
بلدة من نواح الروم)([14]).
مصادر مادة الكتاب:
اعتمد مؤلف الكتاب على الكثير من المصادر منها: كتاب "بدائع الزهور في
وقائع الدهور لابن إياس(ت:930هـ/1524م)، وكتاب "الصلة في تاريخ أئمة الأندلس
وعلمائهم وفقهائهم وأدبائهم" لابن بشكوال(ت: 578هـ/1182م)، و"العبر
وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان
الأكبر" لابن خلدون(ت:808هـ/1406م).
أضف إلى ذلك "المختصر في تاريخ البشر" لأبي
الفدا(ت:732هـ/1331م)، وكتاب"غاية النهاية في طبقات القراء" لابن
الجزري(ت: 833هـ/1429م)، وكتاب "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع"
السخاوي (ت: 903هـ/1497م)، وكتاب "عيون التواريخ"، وكتاب "فوات
الوفيات" وكلاهما لابن شاكر الكتبي(ت:764هـ/1362م)، وكتاب
"الفهرست" لابن النديم(ت:380هـ/990م تقريباً)، وكتاب "الكواكب
السائرة في أعيان المائة العاشرة" للغزي(ت:1061هـ/1649م)،
كما اعتمد على كتاب "معجم البلدان" لياقوت
الحموي(ت:626هـ/1228م)، وكتاب "المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي"
لابن تغري بردي(ت:874هـ/ 1469م)، وكتاب "ميزان الاعتدال في أسماء
الرجال"، وكتاب "تذكرة الحفاظ" وكلاهما للذهبي(ت:748هـ/1347م)،
وكتاب "نزهة الألباب في طبقات الأدباء" للإنباري(ت:577هـ/).
واستفاد أيضاً من كتاب "نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب" المقري
(ت:1041هـ/ 1631م)، وكتاب "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان" لابن
خلكان(ت:681هـ/1282م)، وكتاب "طبقات الحنابلة" لابن رجب الحنبلي (ت:795هـ/)،
وكتاب "حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة" للسيوطي (ت:911هـ/1505م)،
وكتاب "تاج العروس من شرح جواهر القاموس" للزبيدي (ت:1205هـ/1790م)،
وكذا كتاب "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر" للمحبي وغير ذلك.
نقد الكتاب:
على الرغم من قيمة هذا الكتاب إلا أن مؤلفه كان كثير الخط في النسق
الترتيبي، فهو قد يرتب على الألقاب كما حدث في ترجمة القمري: أبو
منصور الحسن بن نوح (ت:380هـ/990م تقريباً) التي سبقت ترجمة المهلبي: الحسن
بن أحمد(ت:380هـ/990م)([15])،
لكنه يأتي في الترجمة التي تليها وهي ترجمة العسكري: الحسن
بن عبد الله بن سعيد(ت:382هـ/992م) فيرتبها بعد ترجمة المهلبي على الترتيب الأبجدي
لاسم المؤلف ثم اسم الوالد.
وفي تراجم أخرى يعتد في الترتيب بعد اسم المؤلف بتاريخ الوفاة لا باللقب أو
اسم الأب فقد ذكر ترجمة ابن طليق الأنماري: خالد بن طليق بن محمد بن
عمران (ت:166هـ/782م تقريباً)، ثم ذكر بعدها ترجمة الدمشقي: خالد
بن يزيد بن عبد الرحمن (ت: 185هـ/801م)، ويتبعها بترجمة الحضرمي: خالد
بن الحسن الحضرمي (ت: 1100هـ/1688م تقريباً) ([16]).
سقط من المؤلف في العديد من التراجم سني وفاة المؤلفين مثل ترجمة: خالد بن
كلثوم الكلبي الكوفي، ومحمد بن سهل بن المرزبان الكرخي([17])، بينما ذكر لآخرين سني وفاة تقريبية مثل ترجمة:
خراش بن إسماعيل أبو رعشن الشيباني المتوفى في حدود سنة120هـ/637م([18])،
وفي بعض الأحيان يترك لها بياض في الترجمة لحين معرفته بتاريخ وفاة المترجم له([19])،
ونلاحظ أن المؤلف لم يعتني المؤلف بترجمة كاعتنائه بترجمة الفيلسوف أبو يوسف
الكندي الذي ذكر الكثير من كتبه ورسائله مصنفة على أبواب في سبع صفحات، وهي ترجمة
لم تقع لأحد بالكتاب([20]).
طبعات الكتاب: طبع الكتاب
في جزأين، الجزء الأول ويقع في 168 صفحة، والجزء الثاني ويقع في 574 صفحة، وقد طبع
بعناية وكالة المعارف في استانبول سنتي1951- 1955م، وأعادت طباعته بالأوفس دار
إحياء التراث العربي ببيروت، والكتاب يحتاج إلى تحقيق جديد، وإلى تزويده بكشافات
للكتب والمؤلفين، وأماكن الطبع والنشر وغير ذلك.
وقد وقع في هذه الطبعة الكثير من التصحيفات والتحريفات في أسماء المؤلفين
وكتبهم، وقد نقل عمر كحالة عدد منها في كتابه معجم المؤلفين، وعن هذين الكتابين
وبخاصة الأول نقل الكثير من الباحثين العديد من الأخطاء في تراجم المؤلفين وعناوين
كتبهم، مثل كتاب "البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان" الذي صحف محققه
الدكتور بسام علي سلامة اسم مؤلفه عباس بن منصور البريهي إلى التريني وقس على هذا.
وتداركاً لهذا الأمر نشر الأستاذ
عبد الله محمد الحبشي بحث بعنوان "تصحيح الأعلام اليمنية في هدية
العارفين" بمجلة معهد المخطوطات العربية صحح فيه ما وقع من تصحيف وتحريف
أثناء الطباعة وهي كثيرة ، وما وقع فيه المؤلف من أوهام وهي قليلة، مثل قوله في
ترجمة صارم الدين الهندي: "هو صارم الدين إبراهيم بن صالح الهندي الحنفي ..
كان مجوسياً قدم إلى اليمن، ثم أسلم على يد السادات اليمنية". وعلق الأستاذ
عبد الله على ذلك بقوله: " الذي في تراجمه أن والده هو الذي قدم إلى اليمن
وأسلم".([21]).
الحواشي: