جديد المقتطف

Post Top Ad

السبت، 25 فبراير 2017

اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الخلفا، لتقي الدين المقريزي


"اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الخلفا" لتقى الدين المقريزى
تحقيق: د.أيمن فؤاد سيد – دار الكتب والوثائق القومية 2016

عرض/ أبوالحسن الجمال
صدر مؤخرا كتاب "اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الخلفا" لشيخ مؤرخى مصر الإسلامية، تقى الدين أحمد بن على بن عبدالقادر المقريزى (766- 845هـ) عن دار الكتب والوثائق القومية فى سلسلة "مصادر مصر الإسلامية" بعد عقود من طبعته الأولى التى  صدرت منذ نصف قرن فى ثلاثة أجزاء. 

وقد حقق الجزء الأول منه المرحوم الدكتور جمال الدين الشيال (ت1967)، وتولى تحقيق الجزأين الأخرين الدكتور محمد حلمى أحمد (ت1986)، ويقيض الله باحثاً مصرياً تخصص فى تاريخ ومصادر مصر الإسلامية، وحقق الكثير من نصوصها ثم ألف كتبا تاريخية اعتمادا على هذه النصوص الجديدة التى قدم من خلالها تفسيرات جديدة، وتخصص فى إعادة نشر كتب العلامة المقريزى، وأشهرها كتاب "المواعظ والاعتبار فى ذكر الخطط والآثار" المعروف باسم "الخطط المقريزية"، والذى صدر فى ستة مجلدات صدرها بمجلد عن منهج المقريزى فى دراسة التاريخ، وذلك فى ضوء مخطوطات جديدة وعالج التصحيف والتحريف والأغلاط فى الطبعات السابقة وأشهرها طبعة بولاق التى مازال الباحثون يعتمدون عليها إلى الآن..
د. أيمن فؤاد السيد
إنه الأستاذ الدكتور أيمن فؤاد سيد وهو من مواليد القاهرة فى 3 ديسمبر 1949، الذى حصل على دكتوراه الدولة في الآداب، جامعة السربون عام 1986، بتقدير مشرف جداً. وتولى عديد من المناصب الأكاديمية والإدارية منها أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر وكذا تولى مدير الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية.. 
وقد أثرى المكتبة العربية بالعديد من الكتب المحققة والمؤلفة فمن تحقيقاته "المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار" للمقريزي، 6 مجلدات مع كشافات تحليلية وخرائط، أصدرته مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي- لندن 2003م،" الروضة البهية الزاهرة في خطط المعزية القاهرة" لابن عبد الظاهر، بيروت، أوراق شرقية، 1996م، و"نزهة المقلتين في أخبار الدولتين"، لابن الطُّوير القيسراني، المعهد الألماني للأبحاث الشرقية، بيروت، 1992م" مسالك الأبصار في ممالك الأمصار"، لابن فضل الله العمري، ممالك مصر والشام والحجاز واليمن، المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة، 1985م، ومن المؤلفات "الدولة الفاطمية في مصر، تفسير جديد"، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 1992- 2000م، و"مصادر تاريخ اليمن في العصر الإسلامي"، المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة، 1974م، و"دار الكتب المصرية تاريخها وتطورها"، بيروت، أوراق شرقية، 1996 وغيرها ...
 والمؤرخ المقريزى رائد مدرسة تاريخ مصر الإسلامية التى بدأت بعبدالرحكم بن عبدالحكم وكتبه الرئيس "فتوح مصر وأخبارها"، مروراً مرور بالكندى محمد بن يوسف وابنه عمر، والحسن بن زولاق، والأمير عزالدين المسبحى، والقاضى محمد بن سلامة القضاعى، وابن عبدالظاهر وصولاً إلى المقريزى الذى يعد بحق أعظم هؤلاء جميعاً، وقد حفظ لنا فى كتبه نقولاً من كتب هؤلاء التى ضاعت وقد استمرت المدرسة تؤدى دورها بعد المقريزى فنبغ منها ابن حجر العسقلانى، وابن تغرى بردى، وشمس الدين السخاوى، وجلال الدين السيوطى، وابن إياس الحنفى وصولاً إلى عبدالرحمن الجبرتى..  
 وقد تخصص المقريزى فى تاريخ مصر الإسلامية منذ الفتح الإسلامى فى سنة 19هـ وحتى عصره فى منتصف القرن التاسع الهجرى، ويمثل كتابه الذى نستعرضه الآن واسطة العقد فى سلسلة كتبه التى أراد بها أن يؤرخ لمصر الإسلامية والتى بدأها بكتاب "عقد جواهر الأسفاط فى أخبار مدينة الفسطاط" تناول فيه الفترة التى تولى فيها حكام مصر ولاة تابعون للخلافة الإسلامية فى المدينة المنورة ثم فى دمشق ثم فى بغداد، وكانت الفسطاط عاصمة الإقليم، ومع استقلال الفاطميين بحكم مصر وإنشائهم بها خلافة تناوىء الخلافة العباسية وعاصمة جديدة لمصر هى "القاهرة" وسجل المقريزى تاريخها فى هذا الكتاب "اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الخلفا" وبعد نجاح صلاح الدين فى القضاء على الدولة الفاطمية وانتقال مركز الحكم إلى قلعة الجبل سجل المقريزى تاريخ الأسة الأيوبية ثم تاريخ خلفائهم من سلاطين المماليك فى كتابه "السلوك لمعرفة دول الملوك".
الباحث/ أبو الحسن الجمال
 ويشتمل كتاب الاتعاظ على أهم نص يتناول تاريخ الدولة الفاطمية منذ دور التستر بعد وفاة الإمام جعفر الصادق سنة 148هـ وحتى قضاء صلاح الدين الأيوبى علي هذه الدولة سنة 567هـ ، ويقول د.أيمن فؤاد سيد فى تقديمه لهذا الكتاب: "وترجع أهمية الكتاب التى جعلت منه منه نصاً له خطورته فى دراسة تاريخ الدولة الفاطمية إلى أن مؤلفه اعتمد فى كتابه على أهم المصادر المعاصرة أو التى كتبت بعد سقوط الدولة بوقت قصير وعلى الأخص فى فترتها المصرية، والتى فقدت أصولها الآن وحفظ لنا منها المقريزى نصوصاً مطولة هى النصوص الوحيدة التى نستطيع من خلالها أن نعيد قراءة تاريخ هذه الدولة فى مصادرها الأصلية".
  ويؤرخ المقريزى من خلال كتاب "الإتعاظ" للمقريزي تاريخ الدولة الفاطمية منذ نشأتها فى المغرب وحتى نهاية العصر الفاطمي، وبدأ فى المجلد الأول بذكر أولاد أمير المؤمنين على بن أبى طالب ليصل إلى ذكر إسماعيل بن جعفر الصادق الذى ينسب إليه الخلفاء الفاطميون، ثم يتعرض المقريزى لقضية نسب الفاطميين وناقش هذه المشكلة التى اختلف فيها المؤرخون.. فمنهم من يقدح فى نسبهم، ومنهم من يتعصب لهم، أما المقريزى فهو مؤرخ ملتزم ونزية ويمتلك أدواته ويسخرها بدقة فقد تعرض للمشكلة من جذورها وتوصل إلى الرأى الذى يرضى ضميره.. وختم بتبنى الرد الذى رد به شيخه ابن خلدون فى المقدمة والتاريخ، "ما يذهب إليه الكثير من المؤرخين فى العبيديين خلفاء الشيعة بالقيروان والقاهرة من نفيهم عن آل البيت والطعن فى نسبهم إلى إسماعيل بن جعفر الصادق"، وعلق عليه بقوله: "وأنت إذا سلمت من العصبية والهوى، وتأملت ما مر ذكره من أقوال الطاعنين فى أنساب القوم علمت ما فيها من التعسف والحمل مع ظهور التلفيق فى الأخبار وتبين لك منه ما تأبى الطباع السليمة قبوله ويشهد الحس السليم بكذبه".ثم تناول المقريزى الفترات الرئيسية في التاريخ الإسماعيلي مثل "دور الستر"، وبدء "الدعوة الإسماعيلية" في اليمن وشمال أفريقيا، وإقامة الدولة الفاطمية، وعهد الأئمة الخلفاء الفاطميين المعز لدين الله، والعزيز بالله، بينما يتناول المجلد الثاني حكم الأئمة الخلفاء الفاطميين الحاكم بأمر الله، والظاهر لإعزاز دين الله، والمستنصر بالله. كما ويتضمن النزاع على خلافة الإمام المستنصر، والذي تمحور حول مطالب الإبن الأكبر أبو منصور نزار بالخلافة، والذي كان قد تم تعيينه خلفاً، وأخوه غير الشقيق والأصغر منه بكثير أبو القاسم أحمد المستعلي بالله، الأمر الذي سبب انقساماً في الجماعة الإسماعيلية، ويركز المجلد الثالث على عهود المستعلي بالله والذي استمر أتباعه كفاطميين في مصر ومن ثم الأئمة المستعلية المتعاقبة في هذا الخط، الآمر بأحكام الله، والحافظ لدين الله، والظافر بأمر الله، والفائز بنصر الله، والعاضد لدين الله، وأخيراً يعرض المجلد الرابع أسماء الفهارس التفصيلية التي تغطي الأسماء والمصطلحات والأماكن والمواقع الحضرية في القاهرة الفاطمية، بما في ذلك طبوغرافيات محددة وتصاميم معمارية، وتفاصيل المكاتب الحكومية، وتصنيفات وألقاب النبلاء، والإنتماءات القبلية، وجرداً للممتلكات الفخمة، وحتى أنواعاً من المواد والوجبات الغذائية. يشمل هذا المجلد أيضاً، مدعوماً بمراجع واسعة، آيات قرآنية ومقاطع شعرية، وأسماء مؤلفي المخطوطات وعناوين الكتب.